الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وأخرج ابن إسحاق وابن جرير عن عطاء بن يسار قال: نزلت بالمدينة في علي بن أبي طالب، والوليد بن عقبة بن أبي معيط قال: كان بين الوليد وبين علي كلام فقال الوليد بن عقبة: أنا أبسط منك لسانًا، وأحمد منك سنانًا، وأرد منك للكتيبة، فقال علي رضي الله عنه: اسكت فانك فاسق. فأنزل الله: {أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا لا يستوون}.وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه مثله.وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله: {أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا لا يستوون} قال: نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والوليد بن عقبة.وأخرج ابن مردويه والخطيب وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا} قال: أما المؤمن: فعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأما الفاسق: فعقبة بن أبي معيط، وذلك لسباب كان بينهما، فأنزل الله ذلك.وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا لا يستوون} قال: لا في الدنيا، ولا عند الموت، ولا في الآخرة. وفي قوله: {وأما الذين فسقوا} قال: هم الذين أشركوا وفي قوله: {كنتم به تكذبون} قال: هم يكذبون كما ترون.{وَلَنُذيقَنَّهُمْ منَ الْعَذَاب الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَاب الْأَكْبَر لَعَلَّهُمْ يَرْجعُونَ (21)}.أخرج الفريابي وابن منيع وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والخطيب والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: يوم بدر {دون العذاب الأكبر} قال: يوم القيامة {لعلهم يرجعون} قال: لعل من بقي منهم يرجع.وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: سنون اصابتهم {لعلهم يرجعون} قال: يتوبون.وأخرج مسلم وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وأبو عوانه في صحيحه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي بن كعب رضي الله عنه في قوله: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: مصائب الدنيا واللزوم والبطشة والدخان.وأخرج ابن مردويه عن أبي ادريس الخولاني رضي الله عنه قال: سألت عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن قول الله: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فقال: «هي المصائب والاسقام والانصاب عذاب للمسرف في الدنيا دون عذاب الآخرة قلت: يا رسول الله فما هي لنا؟ قال: زكاة وطهور».وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: مصائب الدنيا وأسقامها وبلاياها، يبتلي الله بها العباد كي يتوبوا.وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن إبراهيم رضي الله عنه {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: أشياء يصابون بها في الدنيا {لعلهم يرجعون} قال: يتوبون.وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: الحدود {لعلهم يرجعون} قال: يتوبون.وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: عذاب الدنيا وعذاب القبر.وأخرج الفريابي وابن جرير عن مجاهد في قوله: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: القتل والجوع لقريش في الدنيا، والعذاب الأكبر يوم القيامة في الآخرة.وأخرج هناد عن أبي عبيدة في قوله: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: عذاب القبر.{وَمَنْ أَظْلَمُ ممَّنْ ذُكّرَ بآيَات رَبّه ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إنَّا منَ الْمُجْرمينَ مُنْتَقمُونَ (22)}.أخرج ابن منيع وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن معاذ بن جبل رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «ثلاث من فعلهن فقد أجرم. من عقد لواء في غير حق. أو عق والديه. أو مشى مع ظالم لينصره فقد أجرم، يقول الله عز وجل: {إنا من المجرمين منتقمون}». اهـ.
.فوائد لغوية وإعرابية: قال السمين:قوله: {تتجافى}.يجوزُ أَنْ يكونَ مستأنفًا، وأن يكونَ حالًا، وكذلك {يَدْعُون} وإذا جَعَلَ {يَدْعُون} حالًا احْتَمَل أن يكون حَالًا ثانيًا، وأن يكونَ حالًا من الضمير في {جُنوبُهم} لأنَّ المضافَ جزءٌ. والتجافي: الارتفاعُ، وعَبَّر به عن تَرْك النوم قال ابنُ رَواحة:و{خَوْفًا وطَمَعًا} إمَّا مفعولٌ منْ أجله، وإمَّا حالان، وإمَّا مصدران لعاملٍ مقدر.{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفيَ لَهُمْ منْ قُرَّة أَعْيُنٍ جَزَاءً بمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)}.قوله: {أُخْفيَ} قرأه حمزةُ {أُخْفيْ} فعلًا مضارعًا مُسْندًا لضمير المتكلم، فلذلك سَكَنَتْ ياؤُه لأنه مرفوعٌ. وتؤيدها قراءةُ ابن مسعود {ما نُخْفي} بنون العظمة. والباقون {أُخْفيَ} ماضيًا مبنيًا للمفعول، فمنْ ثَمَّ فُتحت ياؤُه. وقرأ محمد بن كعب {أَخْفى} ماضيًا مبنيًا للفاعل وهو اللَّهُ تعالى، ويؤيّده قراءةُ الأعمش {ما أَخْفَيْتُ} مسندًا للمتكلم. وقرأ عبد الله وأبو الدرداء وأبو هريرةَ {مّن قُرَّات أَعْيُنٍ} جمعًا بالألف والتاء. وما يجوزُ أَنْ تكونَ موصولةً أي: لا نَعْلَمُ الذي أخفاه اللَّهُ. وفي الحديث: «ما لا عينٌ رَأَتْ، ولا أُذُن سَمعَت، ولا خَطَر على قَلْب بشر» وأَنْ تكونَ استفهاميةً معلّقَةً ل {تَعْلَمُ} فإن كانَتْ متعديةً لاثنين سَدَّت مَسَدَّهما، أو لواحدٍ سَدَّتْ مَسَدَّه. و{جزاءً} مفعول له، أو مصدرٌ مؤكّدٌ لمعنى الجملة قبلَه. وإذا كانَتْ استفهاميةً فعلى قراءة مَنْ قرأ ما بعدها فعلًا ماضيًا تكون في محلّ رفعٍ بالابتداء، والفعلُ بعدها الخبرُ. وعلى قراءة مَنْ قرأه مضارعًا تكونُ مفعولًا مقدَّمًا، و{منْ قُرَّة} حالٌ منْ ما.{أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمنًا كَمَنْ كَانَ فَاسقًا لَا يَسْتَوُونَ (18)}.قوله: {لاَّ يَسْتَوُونَ} مستأنفٌ ورُوي عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنه كان يعتمد الوقفَ على قوله: {فاسقًا} ثم يَبْتَدئ {لا يَسْتوون}.{أَمَّا الَّذينَ آمَنُوا وَعَملُوا الصَّالحَات فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19)}.وقرأ طلحة {جَنَّةُ المَأْوى} بالإفراد. والعامَّةُ بالجمع. وأبو حيوة {نُزْلًا} بضمٍ وسكون، وتقدَّم تحقيقُه في آخر آل عمران.{وَأَمَّا الَّذينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا منْهَا أُعيدُوا فيهَا وَقيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّار الَّذي كُنْتُمْ به تُكَذّبُونَ (20)}.قوله: {الذي كُنتُمْ به} صفةٌ ل {عذابَ} وجَوَّز أبو البقاء أَنْ يكونَ صفةً للنار قال: وذُكّرَ على معنى الجحيم والحريق.{وَمَنْ أَظْلَمُ ممَّنْ ذُكّرَ بآيَات رَبّه ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إنَّا منَ الْمُجْرمينَ مُنْتَقمُونَ (22)}.قوله: {ثُمَّ أَعْرَضَ} هذه لبُعْد ما بين الرتبتَيْن معنىً. وشبَّهها الزمخشريُّ بقوله: قال: استبعدَ أن يزورَ غَمَرات الموت بعد أَنْ رآها وعَرفها واطَّلع على شدَّتها. اهـ. .من لطائف وفوائد المفسرين: من لطائف القشيري في الآية:قال عليه الرحمة:{أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمنًا كَمَنْ كَانَ فَاسقًا لَا يَسْتَوُونَ (18)}.أفمن كان في حال الوصال يَجرّ أذيالَه كنتْ هو في مَذلة الفراق يقاسي وبالَهَ؟أفمن كان في رَوْح القربة ونسيم الزلفة كمن هو في هوْل العقوبة يعاني مشقة الكلفة؟أفمن هو في رَوْح إقبالنا عليه كمن هو محنة إعراضنا عنه؟أفمن بقي معنا كمنْ بقي عَنَّا؟أفمنْ هو في نهار العرفان وضياء الإحسان كمن هو في ليالي الكفران ووحشة العصيان؟أَفمن أُيّدَ بنور البرهان وطلعت عليه شموسُ العرفان كمن ربطَ بالخذلان ووُسم بالحرمان؟ لا يستويان ولا يلتقيان!.{أَمَّا الَّذينَ آمَنُوا وَعَملُوا الصَّالحَات فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19)}.{الَّذينَ ءَامَنُوا} صَدَّقوا، و{وَعَملُوا الصَّالحَات} يما حَققوا-فلهم حُسْنُ الحال، وحيمدُ المآلُ وجزيلُ المنال، وأَما الذين كدّوا وجحدوا، وفي معاملاتهم أساءوا وأفسدوا، فقصاراهم الخزيُ والهوان، وفنونٌ من المحن وألوان. كلما راموا من محنتهم خلاصًا ازدادوا فيها انتكاسًا، ولكما أَمَّلوا نجاةً جُرّعوا وزيدوا ياسًا.{وَلَنُذيقَنَّهُمْ منَ الْعَذَاب الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَاب الْأَكْبَر لَعَلَّهُمْ يَرْجعُونَ (21)}.قومٌ عذابهم الأدنى محَنُ الدينا، والعذابُ الأكبر لهم عقوبة العنبي.وقوْمٌ العذاب الأدنى لهم فترةٌ تتداخلهم في عبادتهم، والعذاب الأكبر لهم قسوةٌ في قلوبهم تصيبهم.وقومٌ العذاب الأدنى لهم وقفة في سلوكهم تُنيبهم، والعذابُ الأكبرُ لهم حجةٌ عن مشاهدهم تنَالهم، قال قائلهم:ويقال العذاب الأدنى الخذلان في الزلة، والأكبر الهجران في الوصلة.ويقال العذاب الأدنى تكدّر مشاربهم بعد صفوها، كما قالوا: ويقال العذاب الأكبر لهم تطاولُ أيام الغياب من غير تبين آخرٍ لها، كما قيل: {وَمَنْ أَظْلَمُ ممَّنْ ذُكّرَ بآيَات رَبّه ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إنَّا منَ الْمُجْرمينَ مُنْتَقمُونَ (22)}.إذا نُبّهَ العبدُ بأنواع الزَّجر، وحُرّكَ-لتَرْكه حدودَ الرقاق- بصنوفٍ من التأديب ثم لم يرتدع عن فعله، واغترّ بطول سلامته، وأمنَ من هواجم مَكره، وخفايا سرّه. أَخَذَه بغتةً بحيث لا يجد خرجةً مَنْ أخذته، قال تعالى: {لاَ تَجْئَرُوا الْيَوْمَ إنَّكُم مّنَّا لاَ تُنصَرُونَ} [المؤمنون: 65]. اهـ. .تفسير الآيات (23- 25): قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكتَابَ فَلَا تَكُنْ في مرْيَةٍ منْ لقَائه وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لبَني إسْرَائيلَ (23) وَجَعَلْنَا منْهُمْ أَئمَّةً يَهْدُونَ بأَمْرنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بآيَاتنَا يُوقنُونَ (24) إنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقيَامَة فيمَا كَانُوا فيه يَخْتَلفُونَ (25)}..مناسبة الآية لما قبلها: قال البقاعي:ولما كان مقصود السورة نفي الريب عن تنزيل هذا الكتاب المبين في أنه من عند رب العالمين، ودل على أن الإعراض عنه إنما هو ظلم وعناد بما ختمه بالتهديد على الإعراض عن الآيات بالانتقام، وكان قد انتقم سبحانه ممن استخف بموسى عليه السلام قبل إنزال الكتاب عليه وبعد إنزاله، وكان أول من أنزل عليه كتاب من بني إسرائيل بعد فترة كبيرة من الأنبياء بينه وبين يوسف عليهما السلام وآمن به جميعهم وألفهم الله به وأنقذهم من أسر القبط على يده، ذكر بحالة تسلية وتأسية لمن أقبل وتهديدًا لمن أعرض، وبشارة بإيمان العرب كلهم وتأليفهم به وخلاص أهل اليمن منهم من أسر الفرس بسببه، فقال مؤكدًا تنبيهًا لمن يظن أن العظيم لا يرد شيء من أمره: {ولقد آتينا} على ما لنا من العظمة {موسى الكتاب} أي الجامع للأحكام وهو التوارة.ولما كان ذلك مما لا ريب فيه أيضًا، وكان قومه قد تركوا اتباع كثير منه لاسيما فيما قصَّ من صفات نبينا صلى الله عليه وسلم وفيما أمر فيه باتباعه، وكان هذا إعراضًا منهم مثل إعراض الشاك في الشيء، وكانوا في زمن موسى عليه السلام أيضًا يخالفون أوامره وقتًا بعد وقت وحينًا إثر حين، تسبب عن الإيتاء المذكور قوله تعريضًا بهم وإعلامًا بأن العظيم قد يرد رد بعض أوامره لحكمة دبرها: {فلا تكن} أي كونًا راسخًا- بما أشار إليه فعل الكون وإثبات نونه، فيفهم العفو عن حديث النفس الواقع من الأمة على ما بينه صلى الله عليه وسلم {في مرية} أي شك {من لقائه} أي لا تفعل في ذلك فعل الشاك في لقاء موسى عليه السلام للكتاب منا وتلقيه له بالرضا والقبول والتسليم، كما فعل المدعون لاتباعه والعمل بكتابه في الإعراض عما دعاهم إليه من دين الإسلام، أو لا تفعل فعل الشاك في لقائك الكتاب منا وإن نسبوك إلى الإفتراء وإن تأخر بعض ما يخبر به فسيكون هدى لمن بقي منهم، وعذابًا للماضين، ولا يبقى خبر ما أخبر به أنه كائن إلا كان طبق ما أخبر به، فإنك لتلقاه من لدن حكيم عليم، وقد صبر موسى عليه السلام في تلقي كتابه ودعائه حتى مات على أحسن الأحوال، أو يكون المعنى: ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف عليه فيه فما شك أحد من الثابتين في إيتائنا إياه الكتاب لأجل إعراض من أعرض، ولا زلزلة أدبار من أدبر، وانتقمنا ممن أعرض عنه فلا يكن أحد ممن آمن بك في شك من إيتائنا الكتاب لك لإعراض من أعرض، فسنهلك من حكمنا بشقائه انتقامًا منه، ونسعد الباقين به.ولما أشار إلى إعراضهم عنه وإعراض العرب عن كتابهم، ذكر أن الكل فعلوا بذلك الضلال ضد ما أنزل له الكتاب، فقال ممتنًا على بني إسرائيل ومبشرًا للعرب: {وجعلناه} أي كتاب موسى عليه السلام جعلًا يليق بعظمتنا {هدى} أي بيانًا عظيمًا {لبني إسرائيل} وأشار إلى اختلافهم فيه بقوله: {وجعلنا منهم} أي من أنبيائهم وأحبارهم بعظمتنا، مع ما في طبع الإنسان من اتباع الهوى {أئمة يهدون} أي يوقعون البيان ويعملون على حسبه {بأمرنا} أي بما أنزلنا فيه من الأوامر؛ ثم ذكر علة جعله ذلك لهم بقوله: {لما صبروا} أي بسبب صبرهم ولأجله- على قراءة حمزة والكسائي بالكسر والتخفيف- أو حين صبرهم على قبول أوامرنا على قراءة الباقين بالفتح والتشديد، وإن كان الصبر أيضًا إنما هو بتوفيق الله لهم {وكانوا بآياتنا} لما لها من العظمة {يوقنون} لا يرتابون في شيء منها ولا يفعلون فعل الشاك فيه الإعراض، وكان ذلك لهم جبلة جبلناهم عليها.ولما أفهم قوله: {منهم} أنه كان منهم من يضل عن أمر الله ويصد عنه، جاء قوله تسلية للمؤمنين وتوعدًا للكافرين، استئنافًا مؤكدًا تنبيهًا لمن يظن أنه لا بعث، ولفت القول إلى صفة الإحسان إشارة إلى ما يظهر من شرفه صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم من المقام المحمود وغيره: {إن ربك} أي المحسن إليك بإرسالك ليعظم ثوابك ويعلي ما بك {هو} أي وحده {يفصل بينهم} أي من الهادين والمضلين والضالين {يوم القيامة} بالقضاء الحق، فيعلى أمر المظلوم ويردي كيد الظالم {فيما كانوا} جبلة، طبعًا {فيه} أي خاصة {يختلفون} أي يجددون الاختلاف فيه على سبيل الاستمرار حسب ما طبعوا عيله، لا يخفى عليه شيء منه، وأما غير ما اختلفوا فيه فالحكم فيه لهم أو عليهم لا بينهم، وما اختلفوا فيه لا على وجه القصد فيقع في محل العفو. اهـ.
|